____________
نائب رئيس مجلس السيادة الفريق مالك عقار كعادته ، وكما يقول هو عن نفسه عندما يُقدم لمخاطبة ، يجد نفسه تلقائيا وقد مارس دور المعلم بحكم خلفيته ، يوم الإثنين الماضي خلال إفطار رمضاني أقامه لقبيلة الإعلاميين بفندق القراند الأنيق أمسك المايكرفون والقى محاضرة بتلقائيته وبساطته المعهودة ، كان أبرزُ محاورها الراهن السوداني المأزوم وكيفية تعاطي الإعلامين معه ، مبديا أسفه على صمت الكثيرين إزاء الحرب التي دمرت مقدرات السودان ، مشيرا إلى التناقض الواضح بين أفعال المليشيا وزعمها البحث عن الديمقراطية ، داعيا السودانيين الذين إختاروا المنافي هروبا من جحيم الحرب إلى العودة والمساهمة في إعادة إعمار بلادهم ،
بدورهم مارس الإعلاميون مهنتهم ، لكنهم إكتفوا بسؤال واحد لنائب رئيس مجلس السيادة ، ربما تقديرا للجلسة الرمضانية اللطيفة التي أشرف على تنظيمها الإمير الصحفي والصحفي الأمير جمال عنقرة عبر مركزه الذي صار قبلة الصحفيين وملتجأهم وجامع شملهم الذي فرقته الحرب ، أو لأن السؤال عن تنسيقية المشروع الوطني التي يتعهدها بالرعاية نائب رئيس مجلس السيادة هو الأكثر إلحاحا في ظل الظروف التي تمر بها البلاد ، عقار بدأ حديثه بإنه آل على نفسه بأن يقضى ماتبقى من عمره يجمع ولا يفرق ، داعيا الإعلاميين إلى العمل على بلورة الرؤى لإيجاد الحد الأدنى من التعايش بين السودانيين ، مشددا على تمسكه بوحدة السودان ، معتبرا التنسيقية رافد من روافد بحر او نهر كبير،
حديث الفريق مالك عقار هذا ينظر اليه البعض من زاوية أنه قد حدد مساره ومتمسك بالتنسيقية التي يقودها ، لكن السؤال هل يمكن أن تحقق التنسيقية بشكلها الحالي الوحدة التي يعمل لإجلها عقار إو ترسخ للتعايش الذي ينادي به ، اكثرنا يتفق مع الفريق عقار على إيجاد الحد الأدنى للتعايش لجهة أن التوافق الكلي والإجماع أمر من الصعوبة بمكان ، كما
نتفق جميعنا على أن الخلاف امر طبيعي ،وأنه لم يسبق وإن تحقق إجماع على شيئ في الكون بأكمله ، لكن في وجهة نظر البعض يمكن أن تتحقق وحدة بإغلبية كبيرة تسهم في إخراج البلاد من مأزقها إن عمل الناس على ذلك وسعوا له مخلصين ،
بيد أن مايحدث الآن في التنسيقية بحسب رأي البعض ماهي إلا تكرار لتجربة الحرية والتغير المركزي ، بل يرى آخرون أن تجربة الحرية والتغير كانت أوسع نوعا ما ،
بالنظر الى مكونات التنسيقية نجد أن معظم من يشكلون قوامها حركات وكيانات مسلحة وغير مسلحة، منها من وقعت على اتفاق جوبا ولم تتحول إلى إحزاب ولم تخض تجربة يمكن إن يتبين من خلالها رصيدها الجماهيري ، الأمر الذي يعد دورانا في ذات الدوامة وتكرار لذات الخطأ الذي يدفع الناس ثمنه اليوم ، فأن تكون حاضنة الحكومة كيانات مسلحة لم تنفذ ترتيبات أمنية ولم تتحول إلى احزاب سياسية بالتإكيد ستكون تجربة غير راشدة ،
وإن كان إجتماع الإجسام المجتمعة الآن استنادا إلى مولاة القوات المسلحة فإن جل الشعب السوداني الآن يقف في صف قواته المسلحة ، ليس بإرتداء الكاكي والتقاط الصور إنما بالوجود الفعلي في مواقع القتال ومعسكرات الإستنفار وإعانة الجنود ، وليس لأجل استثمار او كسب سياسي ، كاتبة هذه السطور ممن رحبوا بالتنسيقية عند تأسيسها في نوفمبر من العام الماضي قبل إعلان عقار رئيسا لها ، ورغم إستفهامات عديدة كانت ماثلة في ذلك الوقت ومن باب الترحيب بإي خطوة نحو توحيد الصف الوطني إستبشرنا بالتنسيقية ، وكنت جزءا منها عبر مبادرة نساء السودان (قبل إعلان إستقالتي منها لاحقا في ديسمبر الماضي) ،
وكانت في البال وقتها التحديات الحاضرة في إي تجمع سوداني ، وبالفعل كيانات عديدة حضرت حينها وكان التوقع انضمام عدد اكبر ، لكن بكل إسف ظللنا نرقب حركة التململ داخل التنسيقية ومن ثم انسحاب كيانات ، الإمر الذي جعل البعض يقدح في النهج الذي تدار به ، فضلا عن مؤشرات رسوخ نوازع المصالح الذاتية على قادة مكونات عدة ، فضلا عن الجهوية والقبلية والإغراء ، واللهث الواضح وراء مقاعد السلطة في الوقت الذي قُتل و شُرد فيه ملايين السودانيين لذات الإسباب ،
عموما نسأل الله إن يمد
في إيام الفريق عقار ويمتعه بالصحة والعافية ويحقق وعده الذي قطعه على نفسه بالعمل على وحدة السودانين ، لكن بمواعين تسع أكبر عدد ممكن من مكونات المجتمع السوداني على إختلافها وتباينها ،سياسية ،أهلية ، ثقافية وفكرية وإكاديمية دون تصغير هذا أوتضخيم ذاك ،
مبادرتا جامعتي الخرطوم والجزيرة من أهم المبادرات التي طُرحت لحل الأزمة السودانية عبر علماء ينتمون الى أبرز وأعرق معاقل العلم في السودان أعتقد أنه يجب إن تكون حاضرة ضمن إي مشروع يهدف إلى بلورة رؤية لحل الأزمة السودانية ،
إن مايحتاجه السودان الآن وتجمع عليه إكثر الإراء ليس إجساما تكرر التجارب وتعمق الإنقسامات وتنتج الصراعات ، مايحتاجه السودان حوارا سودانيا شاملا من حيث الموضوعات والمكونات ، ينتج عنه التوافق المطلوب لتحقيق الوحدة المرجوة الكفيلة بإخراج البلاد من عنق الزجاجة .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
المزيد من المشاركات
التعليقات مغلقة.